اسم الظن لغة؛ إما حقيقة أو مجازا، أو المراد في ما الغرض فيه العلم من العقائد، كما هو الظاهر؛ لأن الآيات وردت في حق الكفار؛ لأنهم كانوا يتركون الأمور الجلية ويتبعون الأوهام والإمكانات التي توافق هوى أنفسهم.
وأحاديثنا شاهدة بوجوب الترجيح والعمل بالراجح، ومقبولة عمر بن حنظلة ترشد أيضا إلى ذلك وإلى فوائد أخرى، فلنوردها لكثرة نفعها:
روينا بأسانيدنا المتصلة إلى محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: " من تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقا ثابتا له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفروا به؛ قال الله عز وجل: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا بهى) (1) ".
قلت: كيف يصنعان؟
قال: " ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإنني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمه فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهما على حد الشرك بالله ".
قلت: فإن كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، فاختلفا في ما حكما، وكلاهما اختلف في حديثكم؟
قال: " الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ".