وكان همهم في الجمع والتدوين من غير التفات إلى صحة الحديث وضعفه، وهل هو موضوع أم لا؟ وهل الراوي يصدق في روايته أم لا؟ وهل هو ضابط أم لا؟ بل جمعوا الأحاديث بالأسانيد التي وجدوها بها، ودعا هذا الأمر علماء أهل السنة والجماعة إلى التأليف في علوم الحديث.
قال الحاكم النيسابوري:
أما بعد، فإني لما رأيت البدع في زماننا كثرت، ومعرفة الناس بأصول السنن قلت، مع إمعانهم في كتابة الأخبار، وكثرة طلبها على الإهمال والإغفال، دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف يشتمل على ذكر أنواع علم الحديث مما يحتاج إليه طلبة الأخبار المواظبون على كتابة الآثار. (1) أول من صنف في علوم الحديث اشتهر أن أول من صنف في أصول الحديث أبو محمد الحسن بن خلاد الرامهرمزي (م 360)، حيث صنف في ذلك كتابا سماه المحدث الفاصل بين الراوي والواعي. ونقل ذلك عن ابن حجر في أول شرحه لكتابه نخبة الفكر. (2) ومن أهم ما كتبه علماء العامة بعده في علوم الحديث:
1 - معرفة علوم الحديث؛ للحاكم النيسابوري (م 405).
2 - الكفاية في علم الرواية؛ للخطيب البغدادي (م 463).
3 - علوم الحديث، المشتهر باسم مقدمة ابن الصلاح؛ لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمان الشهرزوري الدمشقي الحافظ المعروف بابن الصلاح (م 643).
وقد تأثر الشهيد بهذا الكتاب واستفاد منه في تأليفه، يظهر ذلك لمن راجع شرح البداية ومقدمة ابن الصلاح.
قال بعضهم في وصف مقدمة ابن الصلاح:
وقد رزق الله تعالى هذا الكتاب من الحظوة لدى فحول العلماء ما أنسى