فيه بأشياء يمكن الجمع بأكمل منها، وبأشياء غير مرضية، لكنه سباق الغاية في ذلك، وإنما يمشي الماشي بعده على أثره، ويستضئ بنوره.
وقد ألف الشافعي للعامة فيه شيئا لم يستوف ما هناك، ولكنه نبههم على الطريق، وصنف لهم بعده ابن قتيبة فأتى بأشياء مرضية وغير مرضية.
القسم الثالث: أن يترجح أحدهما على الآخر بوجه من التراجيح المقررة في الأصول، الراجعة إلى سنده أو متنه أو زمانه أو حكمه أو نحو ذلك، وقد كفانا الأصوليون البحث عن وجوهه.
وأما حقيقته: فهو عبارة عن النظر والفحص عما يتقوى به كل واحد منهما، ثم الموازنة بين المرجحات، والحكم لما كان مرجحاته أكثر أو أقوى.
وهذه لجة عميقة بل بحر متسع لا يكاد يدرك قراره.
وكثير من الاختلاف حصل باعتبار اختلاف أنظار الفقهاء في ذلك، حيث إن بعضهم قد يتفطن لمرجحات لم يتفطن لها الآخر، أو يترجح في نفسه قوة مرجح على آخر، ويترجح العكس عند آخر، أو نحو ذلك.
واعلم أن المحققين من العلماء على وجوب الفحص في الترجيح على المجتهد ليعمل بالراجح، بل كاد يكون إجماعا، ومنع بعض المخالفين منه ليس بذي وجه؛ لأن العرف والعقل والشرع تقضي بوجوب العمل بالراجح:
أما العرف: فظاهر؛ لأن من تتبع العمل بالأوهام وترك الأمور الراجحة عد سفيها.
وأما العقل: فلأنه يمنع من العمل بالمرجوح مع وجود الراجح، ويحكم على فاعله أيضا بالسفه.
وأما الشرع: فلا يخفى فيه وجوب العمل بالظن الغالب في أكثر موارده من لدن نبينا (عليه السلام) إلى يومنا هذا.
وأما ما جاء في القرآن من النهي عن اتباع الظن (1)، فالمراد به الوهم؛ لأنه يطلق عليه