الباب الثاني في من تقبل روايته، ومن ترد وبه يحصل التمييز بين صحيح الرواية وضعيفها. وجوز ذلك وإن اشتمل على القدح في المسلم؛ صيانة للشريعة المطهرة. نعم يجب على المتكلم في ذلك التثبت؛ لئلا يقدح في غير مجروح بما ظنه جرحا؛ فقد أخطأ في ذلك غير واحد.
وقد كفانا السلف مؤونة الجرح والتعديل غالبا، ولكن ينبغي للماهر تدبر ما ذكروه، فلعله يظفر بكثير مما أهملوه، ويطلع على توجيه أغفلوه، خصوصا مع تعارض الأخبار في الجرح والمدح؛ فإن طريق الجمع بينهما ملتبس على كثير، حسب اختلاف طرقه وأصوله.
وفي هذا الباب مسائل ثمان:
الأولى: اتفق أئمة الحديث والأصول على اشتراط إسلام الراوي، وبلوغه، وعقله.
وجمهورهم على اشتراط عدالته - بمعنى كونه سليما من أسباب الفسق، وخوارم المروءة - وضبطه، بمعنى كونه حافظا متيقظا إن حدث من حفظه؛ ضابطا لكتابه إن حدث منه؛ عارفا بما يختل به المعنى إن روى به.