أصل [3] وقد اختلف أهل السنة في الوقت الذي يتصدى فيه لإسماعه وإفادته، فمنعه بعضهم قبل وفور العلم وكمال القوة، ومنعه بعضهم قبل الأربعين (1).
وليس بشيء، والحق أنه متى احتيج إلى ما عنده جلس له، إذا كان قادرا على أدائه بحقه وشروطه في أي سن كان، ويجب أن يمسك عنه إذا خشي التخليط بهرم أو خرف.
نعم، الأولى له ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك؛ لوفور علمه، وعلو سنه، وحسن ضبطه، إذا كان أخذ الحديث عنه متيسرا، وكانا في بلد واحد. وإذا طلب منه الحديث وهناك من هو أرجح منه، فالأولى له الإرشاد إليه؛ فإن الدين النصيحة.
ولا ينبغي أن يمتنع من بذل الحديث لأحد لكونه غير صحيح النية؛ فإنه يرجى له صحتها، فقد جاء في الآثار عن بعض العلماء الأخيار أنه قال: " طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله " (2)، وقال بعضهم: " فأوصلنا إلى الله ".
وليجتهد كل الجهد على نشره وإذاعته ببذله والترغيب فيه، سيما في مثل زماننا هذا الذي كادت تندرس فيه آثار الوحي والنبوة والأئمة المعصومين بالكلية؛ فإن بذل الجهد في إفادته واستفادته في يومنا هذا من أهم الواجبات، وقد روينا بطرقنا عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قرأت في كتاب علي (عليه السلام): إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال " (3).