والأول أصح؛ لإخبار المعدل عن ظاهر الحال، والجارح عن الباطن الخفي.
وأيضا: الجارح مثبت، والمعدل ناف.
نعم، إن وقع التعارض المحض (1) رجعا إلى الترجيح بالكثرة ونحوها، فإن لم يثبت المرجح وجب التوقف.
ولو قال الراوي الثقة: " حدثني الثقة " أو " العدل " ونحوهما، لم يكف عند بعضهم؛ لجواز كون غيره قد اطلع على جرحه، وأصالة عدم الجارح غير كاف؛ إذ لابد من البحث، وإضرابه عن تسميته مريب، والاحتمال آت.
والأصح الاكتفاء إذا كان القائل عالما بطرق الجرح والتعديل.
ولو قال: " كل من رويت عنه فهو ثقة، وإن لم أسمه " فكذلك.
وقول العالم: " هذه الرواية صحيحة "، تعديل لراويها إذا كان لها طريق واحد.
وإذا روى العدل عمن سماه، لم يكن تعديلا عند الأكثرين، وهو الصحيح.
وعمل العالم وفتياه على وفق حديث ليس حكما بصحته، وإن كان لا يعمل إلا بخبر العدل. وقال بعض العامة: هو حكم بصحته إذا لم يكن له شاهد ولا متابع، ولم يكن عمله به للاحتياط (2). وليس بشيء؛ لجواز أن يكون عمله لدليل آخر.
وكذا ليس مخالفة عمله للحديث قدحا في صحته، ولا في روايته.
فروع الأول: لا تقبل رواية مجهول العدالة عند الجماهير؛ منا ومن العامة.
وأما المستور - وهو عدل الظاهر خفي الباطن، كالممدوح غير المنصوص على ثقته - فقد تقدم أنه يحتج بها بعضهم، وذلك كما اتفق في جماعة من الرواة تقادم العهد