ولا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الجزافات، وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد؟! وما الذي أخرجه عن نظائره مما ذكر في القرآن من ضروب الأعداد؟!
(وشرط) حصول (العلم به) أي بالخبر المتواتر:
(انتفاؤه) أي انتفاء العلم المستفاد منه (اضطرارا عن السامع)؛ لاستحالة تحصيل الحاصل، وتحصيل التقوية أيضا محال؛ لأن العلم يستحيل أن يكون أقوى مما كان.
(وأن لا تسبق شبهة إلى السامع، أو تقليد ينافي موجب خبره) بأن يكون معتقدا نفيه.
وهذا شرط اختص به السيد المرتضى (رحمه الله) (1)، وتبعه عليه جماعة من المحققين (2)، وهو جيد في موضعه.
واحتج عليه: بأن حصول العلم عقيب الخبر المتواتر إذا كان بالعادة جاز أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال، فيحصل للسامع إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك الحكم قبل ذلك، ولا يحصل إذا اعتقد ذلك.
وبهذا الشرط يحصل الجواب لمن خالف الإسلام من الفرق إذا ادعى عدم بلوغه التواتر بدعوى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) النبوة، وظهور المعجزات على يده موافقة لدعواه؛ فإن المانع لحصول العلم لهم بذلك - دون المسلمين - سبق الشبهة إلى نفيه.
ولولا الشرط المذكور لم يتحقق جوابنا لهم عن غير معجزة القرآن.
وبهذا أجاب السيد عن نفي من خالف تواتر النص على إمامة علي (عليه السلام)، حيث إنهم اعتقدوا نفي النص لشبهة (3).
(واستناد المخبرين إلى إحساس) بأن يكون المخبر عنه محسوسا بالبصر أو غيره من الحواس الخمس.
فلو كان مستنده العقل - كحدوث العالم، وصدق الأنبياء - لم يحصل لنا العلم.