(وقد يحتمل) الخبر (الأمرين): الصدق والكذب، لا بالنظر إلى ذاته؛ إذ جميع الأخبار يحتملهما كذلك، (كأكثر الأخبار)؛ فإن الموافق منها للقسمين الأولين قليل.
(وينقسم) الخبر (مطلقا) أعم من المعلوم صدقه وعدمه (إلى: متواتر) وآحاد.
[الخبر المتواتر] (و) الأول: (هو ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم) أي اتفاقهم (على الكذب، واستمر ذلك) الوصف (في) جميع (الطبقات حيث تعدد) بأن يرويه قوم عن قوم، وهكذا إلى الأول، (فيكون أوله) في هذا الوصف (كآخره، ووسطه كطرفيه)؛ ليحصل الوصف، وهو استحالة التواطؤ على الكذب؛ للكثرة في جميع الطبقات المتعددة.
وبهذا ينتفي التواتر عن كثير من الأخبار التي قد بلغت رواتها في زماننا ذلك الحد، لكن لم يتفق ذلك في غيره خصوصا في الابتداء، وظن كونها متواترة من لم يتفطن لهذا الشرط.
(ولا ينحصر ذلك في عدد خاص) على الأصح، بل المعتبر العدد المحصل للوصف؛ فقد يحصل في بعض المخبرين بعشرة وأقل، وقد لا يحصل بمائة؛ بسبب قربهم إلى وصف الصدق وعدمه.
وقد خالف في ذلك قوم، فاعتبروا اثني عشر؛ عدد النقباء (1)، أو عشرين؛ لآية العشرين الصابرين (2)، أو السبعين؛ لاختيار موسى (عليه السلام) لهم (3)؛ ليحصل العلم بخبرهم إذا رجعوا، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر؛ عدد أهل بدر (4).