(وإذا عظم مجلس المحدث) وكثر فيه الخلق، ولم يمكن إسماعه للجميع (فبلغ) عنه (مستمل، روى) سامع المستملي (عن المملي) عند بعض المحدثين؛ لقيام القرائن الكثيرة بصدقه في ما بلغه في مجلس الشيخ عنه، ولجريان السلف عليه؛ فقد كان كثير من الأكابر يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى يبلغ ألوفا مؤلفة، ويبلغ عنهم المستملون، فيكتبون عنهم بواسطة تبليغهم. وأجاز غير واحد رواية ذلك عن المملي.
وأكثر ما بلغنا في ذلك عن أصحابنا: أن الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد (1) - قدس الله سره - لما جلس للإملاء حضر خلق كثير، فكان المستملي الواحد لا يقوم بالإملاء حتى انضاف إليه ستة كل يبلغ صاحبه.
وروى أبو سعيد السمعاني في أدب الاستملاء: أن المعتصم وجه من يحرز مجلس عاصم بن علي بن عاصم في رحبة النخل الذي في جامع الرصافة، قال: وكان عاصم يجلس سطح المسقطات وينتشر الناس في الرحبة وما يليها، فيعظم الجمع جدا، حتى سمع يوما يستعاد اسم رجل في الإسناد أربع عشرة مرة والناس لا يسمعون! فلما بلغ المعتصم كثرة الجمع أمر من يحرزهم، فحرزوا المجلس عشرين ألفا ومائة ألف (2).
ثم خمدت نار العلم وبار، وولت عساكره الأدبار.
فكأنه برق تألق بالحمى * ثم انطوى فكأنه لم يلمع (3) (وقيل: لا) يجوز لمن أخذ عن المستملي أن يرويه عن المملي بغير واسطة المستملي (4).