ابن أبي عمير؛ لأن القول بحجية مراسيله فرع على القول بعدم روايته عن غير الثقات وفي طوله؛ وذلك لما هو ظاهر من كلام الشيخ (رحمه الله) من أن ملاك حجية مراسيل ابن أبي عمير إنما هو كونه معلوم التحرز عن الرواية عن غير الثقة، فلما كان ذلك علم أن ما أرسله من الأحاديث لم يكن إلا من تلك الصحاح المسندة، وإنما طرأ لها الإرسال بعد بسبب هلاك كتبه وتلفها.
قال المحقق الداماد (رحمه الله) في الرواشح السماوية (1) - في شأن مراسيل ابن أبي عمير -:
" كان يروي ما يرويه بأسانيد صحيحة، فلما ذهبت كتبه أرسل رواياته التي كانت هي من المضبوط المعلوم المسند عنده بسند صحيح، فمراسيله - في الحقيقة - مسانيد معلومة الاتصال والإسناد إجمالا، وإن فاتته طرق الإسناد على التفصيل، لا أنها مراسيل على المعنى المصطلح حقيقة، والأصحاب يسحبون عليها حكم المسانيد؛ لجلالة قدر ابن أبي عمير على ما يتوهمه المتوهمون ".
هذا، وقد يمكن حمل إنكار البهائي (رحمه الله) دعوى عدم رواية ابن أبي عمير عن غير الثقة؛ على الأحاديث المسندة التي رواها عن غير الثقات، وأنهم لم يعنوا أن كل ما رواه مسندا فإنما رواه عن الثقات فحسب حتى يرد الإشكال المذكور.
وتحمل دعواه الأخرى على ما أرسله ابن أبي عمير عن الثقات، فيحصل بذلك الجمع بين القول بعدم إرساله إلا عن ثقة، وبين روايته أحيانا عن غير الثقة، وذلك في بعض أحاديثه المسندة، وهذا في الحقيقة يعود إلى ما استصوبناه آنفا. والله أعلم.
3 - دعوى انفرادنا - معاشر الخاصة - برواية حديث " من سمع شيئا من الثواب... " الذي يستدل به على التسامح في أدلة السنن، وليس الأمر كذلك، بل هذا الخبر من المشهورات، رواه الخاصة والعامة بأسانيد - كما قال شيخ الإسلام العلامة المجلسي (رحمه الله) في بحار الأنوار (2) - فراجع (مجلة " علوم الحديث " العدد 2: 281 - 282) فقد أوردنا