بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد علم دراية الحديث يعتبر علم الحديث من أهم العلوم الإسلامية منزلة وفضلا، وأوفرها سهما في تدوين الثقافة الدينية والحضارة الإسلامية بعد القرآن وعلومه. وليس ثمة شك أن استنباط الأحكام الشرعية في المذهب الشيعي قائم على أساس الأحاديث المنقولة عن المعصومين (عليهم السلام).
وانطلاقا من هذه الرؤية، ولغرض تحقيق الفائدة المثلى من المصادر الحديثية في سبيل نيل الغاية الآنف ذكرها، لا يبقى ثمة مناص من صب الجهود على علوم الحديث، لكي يتسنى عند الرجوع إلى الأحاديث فرز سليمها من سقيمها، وإدراك الغاية الحقيقية التي كان ينشدها المعصومون (عليهم السلام).
وقد اهتم فقهاء الشيعة ومحدثوهم بعلوم الحديث غاية الاهتمام، وأكدوا على فضيلتها وعظيم مكانتها، وهذا ما نرى معالمه بارزة في بعض أقوالهم؛ فقد كتب الشهيد الثاني في هذا المجال ما يلي:
" وأما علم الحديث فهو أجل العلوم قدرا، وأعلاها رتبة، وأعظمها مثوبة، بعد القرآن... وهو ضربان: رواية ودراية... والثاني هو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق.
وهو علم يعرف به معاني ما ذكر، ومتنه وطرقه، وصحيحه وسقيمه، وما يحتاج إليه من شروط الرواية وأصناف المرويات؛ وليعرف المقبول منه والمردود؛ ليعمل به أو