الخبر الضعيف لأمر ما رأوه في ذلك - لعل الله تعالى يعذرهم فيه - فحسبوا العمل به مشهورا، وجعلوا هذه الشهرة جابرة لضعفه.
ولو تأمل المنصف وحرر المنقب لوجد مرجع ذلك كله إلى الشيخ، ومثل هذه الشهرة لا تكفي في جبر الخبر الضعيف.
ومن هنا يظهر الفرق بينه وبين ثبوت فتوى المخالفين بإخبار أصحابهم؛ فإنهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أول زمانهم، ولم يزالوا في ازدياد.
وممن اطلع على أصل هذه القاعدة التي بينتها وحققتها ونقبتها من غير تقليد:
الشيخ الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي، والسيد رضي الدين بن طاووس، وجماعة.
قال السيد (رحمه الله) في كتاب البهجة لثمرة المهجة: " أخبرني جدي الصالح ورام بن أبي فراس - قدس الله سره -: أن الحمصي حدثه: أنه لم يبق للإمامية مفت على التحقيق، بل كلهم حاك ".
وقال السيد عقيبه: " والآن فقد ظهر أن الذي يفتى به ويجاب عنه على سبيل ما حفظ من كلام العلماء المتقدمين ". (1) انتهى.
وقد كشفت لك بذلك بعض الحال، وبقي الباقي في الخيال، وإنما ينبه بهذا المقال من عرف الرجال بالحق، وينكره من عرف الحق بالرجال.
(وجوز الأكثر العمل به) أي بالخبر الضعيف (في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال، لا في) نحو صفات الله المتعال و (أحكام الحلال والحرام.
وهو حسن حيث لا يبلغ الضعف حد الوضع) والاختلاق؛ لما اشتهر بين العلماء المحققين من التساهل بأدلة السنن، وليس في المواعظ والقصص غير محض الخير، ولما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - من طريق الخاصة والعامة - أنه قال: " من بلغه عن الله تعالى فضيلة فأخذها وعمل بها فيها إيمانا بالله ورجاء ثوابه، أعطاه الله تعالى ذلك وإن