حتى لو حلف لا يخبر فلانا بكذا، فأخبر جماعة هو فيهم واستثناه، حنث، بخلاف ما لو حلف لا يكلمه واستثناه.
وكذلك نهيه عن الرواية لا يزيلها بعد تحققها؛ لأنه قد حدثه، وهو شئ لا يرجع فيه.
وفي معناه ما لو قال: " رجعت عن إخباري إياك به "، أو: " لا آذن لك في روايته "، ونحو ذلك.
نعم، لو كان رجوعه لتذكره خطأ في الرواية تعين الرجوع، ويقبل قوله فيه.
(وثالثها: الإجازة)؛ وهي في الأصل مصدر " أجاز "، وأصلها " إجوازة " تحركت الواو فتوهم انفتاح ما قبلها فانقلبت ألفا، وبقيت الألف الزائدة التي بعدها فحذفت لالتقاء الساكنين، فصارت " إجازة ". وفي المحذوف من الألفين الزائدة أو الأصلية قولان مشهوران: الأول قول سيبويه، والثاني قول الأخفش (1).
(وهي) مأخوذة (من) جواز الماء الذي يسقاه المال من الماشية والحرث، ومنه (قولهم: " استجزته فأجازني " إذا سقاك) ماء (لماشيتك أو أرضك (2).
فالطالب للحديث يستجيز العالم علمه) أي يطلب إعطاءه له على وجه يحصل به الإصلاح لنفسه، كما يحصل للأرض والماشية الإصلاح بالماء، (فيجيزه له).
وكثيرا ما يطلق على العلم اسم الماء، وعلى النفس اسم الأرض، وعليه بعض المفسرين (3)؛ لقوله تعالى: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) (4).
(وحينئذ) أي حين إذ كان أخذها من الإجازة التي هي الإسقاء (فتتعدى) إلى المفعول (بغير حرف) جر، ولا ذكر رواية (فيقول: " أجزته مسموعاتي " مثلا) كما يقول: " أجزته مائي ".