علي، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان، فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه! فقال: " يا زرارة، إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا، ولكان أقل لبقائنا وبقائكم ".
قال: ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا، وهم يخرجون من عندكم مختلفين! قال: فأجابني مثل جواب أبيه (1).
ومثل ذلك مما ورد عنهم (عليهم السلام) كثير، وهو مما لا شبهة فيه بين شيعتهم.
وإذا تبينت ذلك، اندفع به ما ربما يورده علينا بعض أهل السنة فيقول: إذا كان أخذكم دينكم ومعالم شرائعكم عن أئمتكم المعصومين، كما تزعمون!، فمن أين وقع الاختلاف بين علمائكم وفي أحاديثكم؟!
فنقول: أما الاختلاف في الأحاديث فقد عرفت سببه، وأنه لا خصوصية لنا به؛ إذ وقع الاختلاف كذلك في الأحاديث المأخوذة عمن لا ينطق عن الهوى عندنا وعندكم؛ مع أن زمن أئمتنا (عليهم السلام) كان أطول بكثير من الزمان الذي انتشر فيه الإسلام ووقع فيه النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) وكان الرواة عن أئمتنا (عليهم السلام) أكثر عددا وانتشارا في الأرض، واختلافا في الأهواء والآراء، فوقوع الاختلاف في أحاديثهم أولى.
وأما اختلاف علمائنا في التفريعات التي لم يرد فيها نص بخصوصها؛ فسببه اختلاف أنظارهم في مبادئها ومآخذها، كما هو بين علمائكم أيضا، بل بين كل الطوائف من أصحاب الملل والنحل (2).