الذي هو أخص من مطلق الكذب وإن لم يكن قسيما للأعم، ومرجعه إلى حصر الخبر الكاذب في نوعيه، وهما: الكذب عن عمد، والكذب لا عن عمد (1).
ونبه بقوله: (سواء وافق اعتقاد المخبر أم لا) على خلاف النظام؛ حيث جعل صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر مطلقا، وكذبه عدم المطابقة كذلك؛ فجعل قول القائل: " السماء تحتنا " معتقدا ذلك: صدقا، وقوله: " السماء فوقنا " غير معتقد ذلك: كذبا.
محتجا بقوله تعالى: (إذا جاءك المنفقون - إلى قوله - والله يشهد إن المنفقين لكاذبون) (2)، حيث سجل الله تعالى عليهم بأنهم كاذبون في قولهم: (إنك لرسول الله) مع أنه مطابق للواقع؛ حيث لم يكن موافقا لاعتقادهم فيه ذلك، فلو كان الصدق عبارة عن مطابقة الواقع مطلقا لما صح ذلك.
وأجيب: بأن المعنى: لكاذبون في الشهادة وادعائهم فيها مواطاة قلوبهم لألسنتهم، فالتكذيب راجع إلى قولهم: (نشهد) باعتبار تضمنه خبرا كاذبا، وهو أن شهادتهم صادرة عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد؛ بشاهد تأكيدهم الجملة ب " إن " و " اللام " والجملة الاسمية.
أو أن المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الإخبار شهادة.
أو في المشهود به؛ أعني قولهم: (إنك لرسول الله) في زعمهم؛ لأنهم يعتقدون أنه غير مطابق للواقع، فيكون كذبا عندهم وإن كان صدقا في نفس الأمر؛ لوجود مطابقته فيه.
أو في حلفهم أنهم لم يقولوا: (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) (3)؛ لما روي عن زيد بن أرقم أنه سمع عبد الله بن أبي يقول ذلك، فأخبر