يجتنب عنه. وهو أفضل العلمين؛ فإن الغرض الذاتي منهما هو العمل. والدراية هي السبب القريب له " (1).
وقال صاحب " المعالم " في ذكر أهمية هذا الموضوع: " إن إعطاء الحديث حقه من الرواية والدراية أمر مهم لمن أراد التفقه في الدين... وقد كان للسلف الصالح - رضوان الله عليهم - مزيد اعتناء بشأنه وشدة اهتمام بروايته وعرفانه... ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا حقه وجهلوا قدره؛ فاقتصروا من روايته على أدنى مراتبها وألقوا حبل درايته على غاربها " (2).
وقال الشيخ عز الدين حسين بن عبد الصمد العاملي - والد الشيخ البهائي - في كتاب " وصول الأخيار ": " اعلم أن علم الحديث علم شريف، وهو من علوم الآخرة، من حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه رزق فضلا جسيما. قال بعض العلماء: لكل دين فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد " (3).
وعلم الحديث عنوان واسع تنطوي تحته جميع الفروع التي تعنى بشكل أو آخر بدراسة الحديث والسنة. وقد تطورت مسائله وقضاياه مع مرور الزمان، وتشعبت إلى علوم شتى، ووصل عددها - كما يرى البعض - إلى ثلاثة عشر فرعا، منها: الجرح والتعديل، وعلم رجال الحديث، وعلم مختلف الحديث، وعلم علل الحديث، وعلم غريب الحديث، وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه، وعلم فقه الحديث، وعلم دراية الحديث.
والدراية - بكسر الدال - لغة: مصدر الفعل " درى يدري "، على وزن " رمى يرمي ".
وقد اعتبرها جماعة من اللغويين مرادفة لكلمة العلم. (4) وفرق آخرون بين معناها ومعنى العلم وقالوا: إنها أخص من العلم؛ بمعنى أن الدراية تعني حصول العلم بعد