" أرجئه " فيكون ورودهما على سبيل الأولوية والأحوطية.
أو يكون ذلك وما ورد فيه الأمر بالتوقف محمولا على المبالغة والتأكيد في التثبت، وكثرة الفحص عن المرجحات.
أو يكون الأمر بالتوقف عند الاشتباه محمولا على من ليس له درجة الاستنباط والاستدلال، أو على من يمكنه الترجيح ولم يبحث فيه، أو نحو ذلك.
واعلم أن التضاد لا يجوز أن يقع في خبرين متواترين قطعا؛ لامتناع اجتماع النقيضين، كما لا يقع بين دليلين قطعيين، ولا يكون بين متواتر وآحاد؛ لوجوب العمل بالمتواتر.
القسم الثاني: أن يمكن الجمع بوجه؛ إما بأن يعمل بأحدهما على الإطلاق، وبالآخر على وجه دون وجه، أو بأن يعمل بكل منهما من وجه دون آخر، وذلك كما جاء في قوله (عليه السلام): " ألا أنبئكم بخير الشهود؟ " قيل: نعم، يا رسول الله. قال: " أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد " (1).
وقوله (عليه السلام): " يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد " (2).
فيعمل بالأول في حقوقه تعالى، وفي الثاني في حقوق العباد، فإذا أمكن مثل ذلك لم يجز طرح أحدهما مع صحته.
وكذا إذا كان لأحدهما وجه من التأويل وجب تأويله والعمل بالآخر، سيما إذا عضد التأويل دليل أو حديث آخر.
وإنما يكمل للجمع العلماء الجامعون بين الحديث والفقه والأصول، الأذكياء الغواصون على المعاني.
وأحسن ما صنف عندنا فيه كتاب الاستبصار؛ فإنه لم يشذ عنه إلا القليل، ومن تبصر في مطالعته لم يكد يخفى عنه وجه الجمع بين حديثين، وإن كان الشيخ (رحمه الله) أتى