ومنع أكثر العامة من العمل بها مع تحقق أنها روايته؛ لأنه لم يحدث بها لفظا ولا معنى.
ويؤيد الأول ما رويناه بطرقنا المتكثرة عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): جعلت فداك، إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) وكانت التقية شديدة، فكتموا كتبهم، فلم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا؟
فقال: " حدثوا بها؛ فإنها حق " (1).
وإذا وجد حديثا في تأليف شخص، قال: " ذكر فلان "، وهذا منقطع لا شوب فيه، وذلك إذا لم يعلم أنه رواه، وإلا فهو كالأول، هذا إذا وثق بأنه خطه، وإلا فليقل: " بلغني عن فلان " أو " قرأت في كتاب أخبرني فلان أنه بخطه " أو " أظن أنه خطه " أو " ذكر كاتبه أنه خطه " أو " تصنيف فلان ".
وإذا نقل من تصنيف فلا يقول: " قال فلان " إلا إذا وثق بصحة النسخة، وإلا فليقل: " بلغني عن فلان " أو " وجدت في نسخة من كتاب " ونحوه. وقد تسامح الناس في هذه الأزمان بالجزم في ذلك من غير تحر، فإن كان الناقل متقنا لا يخفى عليه غالبا الساقط والمغير، رجونا جواز الجزم له. وإلى هذا استروح المصنفون في كتبهم.
تنبيه:
من رأى في هذا الزمان حديثا صحيح الإسناد في كتاب أو جزء لم ينص على صحته علماؤنا أو بعضهم، أو لم يكن الكتاب معروف المؤلف، أو كان معروف المؤلف ولم تكن نسخته صحيحة مروية بخصوص أو عموم، لم يحكم بصحته، ولم يجز الاعتماد عليه في الأحكام، لا نعلم في ذلك مخالفا.
والله ولي التوفيق.