وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن عمر قال للعباس وعلي:
فلما توفي رسول الله قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله. فجئتما؛ أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته، فقال أبو بكر: قال رسول الله: " لا نورث، ما تركناه صدقة "، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، والله إنه لراشد تابع للحق.
ثم لما توفي أبو بكر قال عمر: أنا ولي رسول الله وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذبا خائنا آثما غادرا، والله يعلم أني لصادق بار تابع للحق (1).
ولم يعتذر العباس ولا علي عن هذا الاعتقاد، ولا شبهة أن اعتقادهما حق؛ لأن الله قد طهر عليا، وجعل النبي الحق دائرا مع علي في قوله في حديث غدير خم: " وأدر الحق معه كيفما دار " (2) وكما جاء في غيره أيضا.
فصل وفيهم من ولى أمور المسلمين لمن ظهر منه الفسق والفساد، ولا علم عنده؛ مراعاة لحرمة القرابة، وعدولا عن مراعاة حرمة الدين، كالوليد بن عقبة، فشرب الخمر حال إمارته، وصلى وهو سكران، والتفت إلى من خلفه وقال: أزيدكم في الصلاة (3).
وسعد بن العاص، ظهر منه في الكوفة المناكر، فتكلموا فيه وفي عثمان وأرادوا خلع عثمان، فعزله عنهم قهرا.
وعبيد الله بن أبي سرح ظلم في مصر وغشم، وتكلم فيهما أهل مصر، فصرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر، ثم كاتبه سرا بأن استمر على الولاية، وأمره بقتل محمد وغيره ممن يرد عليه، ولما ظفروا بذلك الكتاب كان أحد الأسباب في قتله (4).