وأجابوا عما أورد عليهم - من أن الاعتماد حينئذ يقع على المسند دون المرسل فيقع لغوا -: بأنه بالمسند تبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم به الحجة (1).
وتظهر الفائدة في صيرورتهما دليلين يرجح بهما عند معارضة دليل واحد.
ونبه ب " الأصح " على خلاف جماعة من الجمهور (2)، حيث قبلوا المرسل مطلقا إذا كان مرسله ثقة. ونقله الرازي في المحصول (3) عن الأكثرين، محتجين: بأن الفرع لا يجوز له أن يخبر عن المعصوم (عليه السلام) إلا وله صحة الإخبار عنه، وإنما يكون كذلك إذا ظن العدالة.
وبأن علة التثبت هو الفسق، وهي منتفية، فيجب القبول.
وبأن المسند جاز أن يكون مرسلا، فإنه يحتمل أن يكون بين فلان وفلان رواة لم تذكر، فلا يقبل إلا أن يستفصل.
وأجيب: بأنه ليس حمل إخباره عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) على أنه قال، أولى من حمله على أنه سمع أنه قال، وإذا احتمل الأمران لم يظهر حمله على أحدهما.
وانتفاء علة التثبت موقوف على ثبوت العدالة.
وقول الراوي: " عن فلان " يقتضي بظاهره الرواية عنه بغير واسطة، وقد نوزع في ذلك وادعي أن مثله غير متصل، لكن الظاهر خلافه (4).
(و) طريق ما (يعلم) به (الإرسال) في الحديث أمران: جلي، وخفي:
فالأول (بعدم التلاقي) من الراوي والمروي عنه، إما لكونه لم يدرك عصره، أو أدركه لكن لم يجتمعا، وليست له منه إجازة ولا وجادة؛ (ومن ثم احتيج إلى التاريخ)؛ لتضمنه تحرير مواليد الرواة، ووفياتهم، وأوقات طلبهم، وارتحالهم.