رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان كالصرف، ثم قال: من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ يرحم الله موسى لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر " وبما روينا من طريق البخاري نا عمرو بن حفص بن غياث نا أبى عن الأعمش نا سفيان قال: قال عبد الله بن مسعود كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون * قال أبو محمد: وكل هذا لا حجة لهم فيه، أما القائل في قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه قسمة ما عدل فيها ولا أريد بها وجه الله تعالى فقد قلنا إن هذا كان يوم خيبر وأن هذا كان قبل أن يأمر الله تعالى بقتل المرتدين وليس في هذا الخبر أن قائل هذا القول ليس كافرا بقوله ذلك فإذ ليس ذلك في الخبر فلا متعلق لهم به، وأما حديث النبي الذي ضربه قومه فأدموه فكذلك أيضا ومعنى دعاء ذلك النبي عليه السلام لهم بالمغفرة إنما هو بأن يؤمنوا فيغفر الله تعالى لهم ويبين أنهم كانوا كفارا به قوله فإنهم لا يعلمون فصح أنهم كانوا لا يعلمون بنبوته فصح أن كلا الخبرين لا حجة لهم فيه، وأما سب الله تعالى فما على ظهر الأرض مسلم يخالف في أنه كفر مجرد إلا أن الجهمية. والأشعرية وهما طائفتان لا يعتد بهما يصرحون بأن سب الله تعالى وإعلان الكفر ليس كفرا قال بعضهم: ولكنه دليل على أنه يعتقد الكفر لا أنه كافر بيقين بسبه الله تعالى وأصلهم في هذا أصل سوء خارج عن إجماع أهل الاسلام وهو أنهم يقولون الايمان هو التصديق بالقلب فقط وان أعلن بالكفر. وعبادة الأوثان بغير تقية ولا حكاية لكن مختارا في ذلك الاسلام * قال أبو محمد رحمه الله: وهذا كفر مجرد لأنه خلاف لاجماع الأمة ولحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة ومن بعدهم لأنه لا يختلف أحد لا كافر ولا مؤمن في أن هذا القرآن هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وذكر أنه وحي من الله تعالى وإن كان قوم كفار من الروافض ادعوا أنه نقص منه وحرف فلم يختلفوا ان جملته كما ذكرنا ولم يختلفوا في أن فيه التسمية بالكفر والحكم بالكفر قطعا على من نطق بأقوال معروفة كقوله تعالى:
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) وقوله تعالى: (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم) فصح أن الكفر يكون كلاما وقد حكم الله تعالى بالكفر على إبليس وهو عالم بأن الله خلقه من نار وخلق آدم من طين وأمره بالسجود لآدم وكرمه عليه وسأل الله تعالى النظرة إلى يوم يبعثون ثم يقال لهم إذ ليس شتم الله تعالى كفرا عندكم فمن أين قلتم انه دليل على الكفر؟ (فان قالوا) لأنه محكوم على قائله بحكم الكفر (قيل لهم): نعم محكوم عليه بنفس قوله لا بمغيب ضميره الذي لا يعلمه الا الله تعالى