الذي تذمم عليه فنظرنا في المعنى الذي وجب به القتل على الذمي إذا سب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو استخف بشئ من دين الاسلام فوجدناه إنما هو نقضه الذمة لأنه إنما تذمم وحقن دمه بالجزية على الصغار قال الله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله) الآية إلى قوله (وهم صاغرون) وقال تعالى:
(وان نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر) فكان هاتان الآيتان نصا جليا لا يحتمل تأويلا في بيان ما قلنا من أن أهل الكتاب يقاتلون ويقتلون حتى يعطوا الجزية وعلى أنهم إذا عوهدوا وتم عهدهم وطعنوا في ديننا فقد نقضوا عهدهم ونكثوا أيمانهم وعاد حكم قتالهم كما كان، وبضرورة الحس والمشاهدة ندري أنهم ان أعلنوا سب الله تعالى أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شئ من دين الاسلام أو مسلم من عرض الناس فقد فارقوا الصغار بل قد أصغرونا وأذلونا وطعنوا في ديننا فنكثوا بذلك عهدهم ونقضوا ذمتهم وإذا نقضوا ذمتهم فقد حلت دماؤهم. وسبيهم.
وأموالهم بلا شك * قال أبو محمد رحمه الله: وسم اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم كان يوم خيبر بلا شك وهو قبل نزول براءة بثلاثة أعوام، وكذلك نقول في قول أولئك اليهود السام عليك للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي سحر لبيد بن الأعصم إياه وان هذا كله كان قبل أن يؤمر بأن لا يثبت عهد الذمي الا على الصغار وأن كل ذلك إذ كانت المهادنة جائزة لهم لان المعنى في حديث السام والسحر هو معنى حديث سم الشاة سواء سواء، وحديث سم الشاة منسوخ بلا شك بما في سورة براءة من أن لا يقروا الا على الصغار فحديث السام والسحر بلا شك منسوخان بل اليقين قد صح بذلك لان معناهما منسوخ ولا يحل العمل بالمنسوخ ولا يجوز البتة أن يكونا بعد نزول براءة لأنه من المحال أن ينسخ الله تعالى شيئا بيقين ثم ينسخ الناسخ ويعيد حكم المنسوخ ولا يصحبه من البيان ما يرفع الشك ويرفع الظن ويبطل الاشكال هذا أمر قد أمناه ولله الحمد (فان قال قائل): كيف تقولون هذا وأنتم تقولون أن من سم اليوم طعاما لاحد من المسلمين فلا قتل عليه. وأن من سحر مسلما فلا قتل عليه. وان اليهود يقولون لنا اليوم السام عليكم ولا قتل عليهم فما نراكم تحكمون الا بما ذكرتم أنه منسوخ (فجوابنا) وبالله تعالى التوفيق * أننا لم نقل إن هذه الأحاديث نسخ منها إلا ما يوجبه حكم خطابهم للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وحكم سم طعامه خاصة وحكم قصده بالسحر خاصة، فهذا هو الذي نسخ وحده فقط ولا مزيد لان الغرض تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وأن لا يجعل دعاؤه عليه السلام