لأنه لا يجوز لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لامته: أفطر الحاجم والمحجوم " وأمر المصلى خلف الصف وحده بإعادة الصلاة ثم لا يبين لهم الوجه الذي أفطرا به ولا الوجه الذي أمر من أجله المصلى خلف الصف بإعادة الصلاة، فهذا طعن على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحل لمسلم أن يظن أنه عليه السلام أمره بالإعادة لأمر لم يبينه علينا. وأما قولهم أن المستعير الجاحد خائن ولا قطع على خائن والحديث بذاك عن جابر وقد ذكرنا قبل فساد هذا الخبر في صدر كلامنا في قطع السارق، وأن ابن جريج لم يسمعه من أبى الزبير وأن أبا الزبير لم يسمعه من جابر لأنه قد أقر على نفسه بالتدليس فسقط التعلق بهذا الخبر والحمد لله رب العالمين * قال أبو محمد رحمه الله: فنقول وبالله تعالى نستعين ان رواية من روى أنها استعارت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها. ورواية من روى أنها سرقت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها صحيحان لا مغمز فيهما لان كليهما من رواية الثقات التي تقوم بها الحجة في الدين على ما أوردنا، والعجب كله فيمن يتعلل في رد هذه السنة بهذا الاضطراب وهم يأخذون بحديث " لا قطع إلا في ربع دينار " وبحديث " القطع في مجن ثمنه عشرة دراهم " وهما من الاضطراب بحيث قد ذكرناه وذلك الاضطراب أشد من الاضطراب في هذا الخبر بكثير أو يأخذ بخبر ابن عمر قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجن ثمنه ثلاثة دراهم وليس فيه بيان أن ذلك حد القطع وقد عارضه مثله في الصحة من القطع في ربع دينار * قال أبو محمد رحمه الله: فان في هذا الوجه من الاضطراب ليس علة في شئ من الاخبار فلنقل بعون الله تعالى إن في هاتين الروايتين اللتين إحداهما استعارت المتاع فجحدت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطعها وفي الأخرى انها سرقت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها يخلو من أن يكونا في قصتين اثنتين في امرأتين متغايرتين أو يكونا في قصة واحدة في امرأة واحدة فان كانت في قصتين وفي امرأتين فقد انقطع الهذر وبطل الشغب جملة ويكون الكلام في شفاعة أسامة فيهما جميعا على ما قد ذكرنا من البيان من أنه شفع في السرقة فنهى ثم شفع في المستعيرة وهو لا يعلم أن حد ذلك أيضا القطع على أننا لو شئنا القطع فإنهما امرأتان متغايرتان وقضيتان اثنتان لكان لنا متعلق بخلاف دعاويهم المجردة من كل علقة الا من المجاهرة بالباطل والجسر على الكذب لكان كما نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق نا ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد
(٣٦١)