موروثة عنه فكذلك الجنين فيما وجب في الجناية له، وقالوا: لو كان واجبا أن تكون للام لوجب إذا جنى عليها فماتت ثم ألقت جنينا أن لا يجب فيه شئ لان الميت لا يستحق شيئا بعد موته * قال أبو محمد: هذا كل ما احتجوا به لا نعلم لهم حجة غير هذا، وكل هذا ليس لهم فيه حجة لما نذكره إن شاء الله تعالى، أما قولهم: ان الغرة دية فهي كحكم الدية وقد صح أن الدية. موروثة على فرائض المواريث فالغرة كذلك فان هذا قياس والقياس كله فاسد، ثم لو صح القياس يوما ما لكان هذا منه باطلا لان حكم القياس عند القائلين به إنما يرونه فيما عدم فيه النص لا فيما فيه النص، وأما النص فإنما جاء في الدية الموروثة فيمن قتل عمدا أو خطأ لا فيمن لم يقتل أحدا، والجنين الذي لم ينفخ فيه الروح لم يقتل قط فقياس دية من لم يقتل على دية من قتل باطل لو كان القياس حقا لأنه قياس الشئ على ضده فبطل هذا القياس وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد: وأما نحن فان القول عندنا وبالله تعالى نتأيد هو أن الجنين ان تيقنا أنه قد تجاوز الحمل به مائة وعشرين ليلة فان الغرة موروثة لورثته الذين كانوا يرثونه لو خرج حيا فمات على حكم المواريث وان لم يوقن أنه تجاوز الحمل به مائة ليلة وعشرين ليلة فالغرة لامه فقط * برهاننا على ذلك ان الله تعالى قال: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين " فذكر عليه الصلاة والسلام القود أو الدية أو المفادات على ما ذكرنا قبل فصح بالقرآن والسنة أن دية القتيل في الخطأ والعمد مسلمة لأهل القتيل والقتيل لا يكون إلا في حي نقله القتل عن الحياة إلى الموت بلا خلاف من أهل اللغة التي بها نزل القرآن وبها خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجنين بعد مائة ليلة وعشرين ليلة حي بنص خبر الرسول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وإذ هو حي فهو قتيل قد قتل بلا شك وإذ هو قتيل بلا شك فالغرة التي هي ديته واجبة ان تسلم إلى أهله بنص القرآن وقد اتفقت الأمة على أن الورثة الذين يسلم لهم الدية انهم يقتسمونها على سنة المواريث بلا خلاف، و أما إذا لم يوقن أنه تجاوز مائة ليلة وعشرين ليلة فنحن على يقين من أنه لم يحيا قط فإذا لم يحيا قط ولا كان له روح بعد ولا قتل وإنما هو ماء أو علقة من دم أو مضغة من عضل أو عظام ولحكم فهو في كل ذلك بعض أمه فإذ ليس حيا بلا شك فلم يقتل لأنه لا يقتل موات ولا ميت وإذ لم يقتل فليس قتيلا فليس لديته حكم دية القتيل لان هذا قياس والقياس كله باطل ولو كان حقا لكان هذا
(٣٣)