مالكا حمله هذا القياس على أن جعل في جنين الدابة عشر قيمتها وفي بيضة النعامة على المحرم عشر البدنة * قال علي: فكان هذا الاحتجاج ساقطا لان تقويم الغرة بخمسين دينارا أو بالدراهم خطأ لا يجوز لأنه لم يوجبه قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا صح عن صاحب، ثم نظرنا في قول إبراهيم النخعي. وقتادة أن في جنين الأمة نصف عشر ثمن أمه فلم نجد لهم متعلقا فسقط هذا القول لتعريه عن الأدلة ثم نظرنا في قول سفيان. والحسن بن حي فوجدناه أيضا لا حجة لهم أصلا فسقط أيضا ثم نظرنا في قول أبي حنيفة: وزفر. ومحمد بن الحسن فوجدناهم يقولون: لما كانت الغرة في جنين الحرة مقدرة بخمسين دينارا كان ذلك نصف عشر ديته لو خرج حيا وكان ذكرا أو عشر ديتها لو كانت أنثى وخرجت حية فوجب في جنين الأمة مثل ذلك أيضا لأنه لو خرج حيا فقتل لكانت فيه القيمة * قال أبو محمد: هذا كل ما موهوا به وهذا كله (1) باطل على ما نذكر إن شاء الله تعالى فنقول وبالله تعالى التوفيق: ان قولهم لما كان ثمن الغرة في جنين الحرة خمسين دينارا وهو نصف عشر ديته لو خرج حيا وكان ذكرا وعشر ديتها لو خرجت حية وكانت أنثى فوجب أن يكون ما في جنين الأمة كذلك فباطل من وجوه، أولها انه قياس والقياس كله باطل،، الثاني انه لو صح القياس لكان هذا منه عين الباطل لان تقويم الغرة بخمسين دينارا باطل لم يصح قط في قرآن ولا سنة ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم فصار قياسهم هذا قياسا للخطأ على الخطأ، والثالث انه لو صح لهم تقويم الغرة بخمسين دينارا فمن أين لهم ان المقصود في ذلك هو أن يكون نسبته من ديته أو من دية أمه؟
ويقال لهم: من أين لكم هذا؟ وهلا قلتم انها قيمة نافذة مؤقتة كالغرة ولا فرق ولكن أبوا الا التزيد من الدعاوي الفاسدة بلا برهان، والرابع ان يعارض قياسهم بمثله فيقال لهم: ما الفرق بينكم وبين ما روي عن مالك. والحسن من أن الخمسين دينارا التي قومت بها الغرة في جنين الحرة إنما اعتبر بها من دية أمه لا من دية نفسه فقالوا: إن كان جنين الأمة ذكرا أو أنثى ففيه عشر قيمة أمه كما في جنين الحرة ذكرا كان أو أنثى عشر دية أمه فهل ههنا إلا دعوى مقابلة بمثلها تحكم بلا دليل؟ ثم نظرنا في قول حماد بن أبي سليمان أن فيه حكما فوجدناه أيضا قولا عاريا من الأدلة فوجب تركه إذ ما لا دليل على صحته فهي دعوى ساقطة، ثم نظرنا في قول سعيد بن المسيب فوجدناه أيضا لا دليل على صحته فلم يجز القول به لان الله تعالى يقول: (قل هاتوا برهانكم