يجوز أن يطلق على العموم القول بها لكنا نقول وبالله تعالى التوفيق: ان الله تعالى يقول: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقية مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى: (خلقت عبادي كلهم حنفاء) وقال تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على هذه الملة " وقد ذكرناه قبل باسناده فكل مولود فهو على الفطرة وعلى ملة الاسلام، فصح ان من ضرب حاملا فأسقطت جنينا فإن كان قبل الأربعة الأشهر قبل تمامها فلا كفارة في ذلك لكن الغرة واجبة فقط لان رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بذلك ولم يقتل أحدا لكن أسقطها جنينا فقط وإذ لم يقتل أحدا لا خطأ ولا عمدا فلا كفارة في ذلك إذ لا كفارة الا في قتل الخطأ ولا يقتل الا ذو روح وهذا لم ينفخ فيه الروح بعد وإن كان بعد تمام الأربعة الأشهر وتيقنت حركته بلا شك وشهد بذلك أربع قوابل عدول فان فيه غرة عبدا أو أمة فقط لأنه جنين قتل فهذه هي ديته والكفارة واجبة بعتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لأنه قتل مؤمنا خطأ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الروح ينفخ فيه بعد مائة ليلة وعشرين ليلة، وقد ذكرناه قبل وهذا نص القرآن، وقد وافقنا عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فان قال قائل: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب ها هنا كفارة قلنا: لم يأت لها ذكر في حديث الجنين وليست السنن كلها مأخوذة من آية واحدة ولا من سورة واحدة ولا من حديث واحد، وإذ أوجب الله تعالى في قتل المؤمن خطأ كفارة. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تعالى خلق عباده حنفاء كلهم فهو إذ خلق الله فيه الروح فهو مؤمن حنيف بنص القرآن ففيه الكفارة، وهذه الآية زائدة شرع على ما في حديث الجنين، وأوامر الله تعالى مقبولة كلها لا يحل رد شئ لشئ منها أصلا، ومن خالف هذا فقد عصى الله تعالى فيما أمر به، فان قيل: فأوجبوا فيه حينئذ مائة من الإبل إذ هي الدية عندكم قلنا وبالله تعالى التوفيق: لا يجوز هذا لان الله تعالى إنما قال فدية مسلمة إلى أهله ولم يبين لنا تعالى في القرآن مقدار تلك الدية لكن وكل تعالى ذلك إلى بيان رسوله صلى الله عليه وسلم ففعل عليه الصلاة والسلام فبين لنا صلى الله عليه وسلم ان دية من خرج إلى الدنيا فقتل مائة من الإبل في الخبر الثابت إذ ودى بذلك عبد الله بن سهل رضي الله عنه، وبين لنا عليه الصلاة والسلام ان دية الجنين بنص لفظه عليه الصلاة والسلام غرة من العبيد أو الإماء وسماه دية كما أوردناه آنفا من طريق أبي هريرة رضي الله عنه بأصح اسناد يكون فكانت الدية مختلفة لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
(٣٠)