كما روينا عن الحسن البصري في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها قال إذا جاءوا مجتمعين الزوج أجوزهم شهادة، وعن الشعبي أنه قال في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها انه قد جازت شهادتهم وأحرزوا ظهورهم، وقال الحكم ابن عتيبة: في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها حتى يكون معهم من يجئ بها وبهذا يأخذ أبو حنيفة. والأوزاعي في أحد قوليه * قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر فيما احتج به كل قائل منهم لقوله فوجدنا كلتا الطائفتين تتعلق بقول الله تعالى: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم) وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لهلال بن أمية البينة والا حد في ظهرك " فنظرنا في هذين النصين فوجدناهما إنما نزلا في الزوج إذا كان راميا قاذفا لا إذا كان شاهدا هذا نص الآية ونص الخبر فليس حكم الزوج إذا كان شاهدا لا قاذفا راميا فوجب أن نطلب حكم شهادة الزوج في غيرهما فوجدنا الله تعالى يقول: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم) فشرط الله تعالى على القاذف ان لم يأت بأربعة شهداء أن يجلد ولم يخص تعالى أولئك الأربعة الشهداء أن لا يكون منهم زوجها (وما كان ربك نسيا)، ولو أراد الله تعالى أن لا يكون الزوج أحد أولئك الشهداء لبين ذلك ولما كتمه ولا أهمله فإذا عم الله تعالى ولم يخص فالزوج وغير الزوج في ذلك سواء بيقين لا شك فيه فصح من هذا أن الزوج إذا قذف امرأته فعليه حد القذف الا أن يلاعن أو يأتي بأربعة شهداء سواه لأنه قاذف ورام والقاذف والرامي مكلف أن يخلص نفسه بأربعة شهداء ولا بد، وهكذا الأجنبي ولا فرق إذا قذف فلا بد من أربعة غيره فان جاء الزوج شاهدا لا قاذفا فهو كالأجنبي الشاهد ولا فرق لا حد عليه ولا لعان أصلا لأنه لم يرمها ولا قذفها فإن كان عدلا وجاء معه بثلاثة شهود فقد تمت الشهادة ووجب الرجم عليها لأنهم أربعة شهود كما أمر الله تعالى وبه نأخذ * وأما اشتراط الحكم بن عتيبة من أن يكون معهم من يأتي بهم فلا معنى له لان الله تعالى لم يوجب ذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يخلو ذلك الخامس من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها إما أن يكون قاذفا وإما أن يكون شاهدا وإما أن يكون متطوعا لا قاذفا ولا شاهدا فإن كان قاذفا فمن الحرام والباطل أن يلزم الشهود أن يأتي قاذفا يتقدمهم أو يأمر بقذف المحصنة والمحصن ليتوصل بذلك إلى إقامة الشهادة وإن كان ذلك الخامس شاهدا فهذا ايجاب لخمسة شهود وهذا خلاف القرآن. والسنة. والاجماع، وإن كان متطوعا لا قاذفا ولا شاهدا فهذا باطل لان الله تعالى لم يوجبه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم
(٢٦٢)