البلدان الواقعة في خطوط الطول بل ربما في العرض، فيمكن رؤية الهلال في بعضها ولا يمكن في بعضها الآخر، فلا شبهة في أن إمكان رؤية الهلال من بلد إلى بلد آخر معنى نسبي يختلف فيه بلد عن بلد وافق عن أفق.
وإنما الكلام في أن حلول الشهر القمري الشرعي هل هو معنى نسبي أيضا يختلف فيه البلدان حسب اختلاف آفاقها، ويكون لكل بلد وافق شهره القمري الخاص كطلوع الشمس الذي يختلف باختلاف البلدان والآفاق، أو أنه ظاهر كوني مطلق لا يختلف باختلاف بقاع الأرض وبلدانها وآفاقها ولا يتأثر بذلك نهائيا؟
والجواب: أن خروج القمر من المحاق وإن كان حادثا كونيا محددا مطلقا، ولا يتأثر بأي عامل آخر، إلا أنه ليس مبدأ للشهر القمري الشرعي بل هو مبدأ للشهر القمري الطبيعي، لأن مبدأ الأول مضافا إلى ذلك مرتبط شرعا برؤية ذلك الجزء الخارج من المحاق بالعين المجردة، ومن الواضح أن الرؤية بالعين المجردة غير ممكن بصرف خروجه عن المحاق، وإنما يمكن بعد ساعات ليزداد حجما ونورا، والرؤية كما يمكن أن تأخذها كأمر نسبي تختلف باختلاف بقاع الأرض وبلدانها، يمكن أن تأخذها كأمر مطلق لا تختلف باختلافها، فعلى الأول يرتبط مبدأ الشهر القمري الشرعي في كل بلد بإمكان الرؤية في ذلك البلد بالذات، فيكون لكل بلد شهر قمري خاص، فيبدأ في البلاد الواقعة في الافق الغربي في ليلة سابقة وفي البلاد الواقعة في الافق الشرقي في ليلة متأخرة، فيختلف شهر تلك البلاد عن شهر هذه البلاد بيوم واحد، وعلى الثاني يكون مبدأ الشهر القمري واحدا بالنسبة إلى كل أهل بقاع الأرض، فإذا رؤي الهلال في بقعة من الأرض كفى لسائر البقاع، فلا بد إذا للتوصل إلى معرفة ذلك من الرجوع إلى الشرع وتحقيق حال نصوص باب الرؤية لنرى هل أنها ربطت بداية الشهر في كل منطقة بإمكان الرؤية في تلك المنطقة بالذات، أو ربطت بداية الشهر في كل