الإسلام يجب ما قبله، إذا الجب كان في مقام الامتنان، ولا امتنان في إسقاط الضمانات والحقوق. فلو كان كافر مدينا لمسلم ثم أسلم فهل يمكن الالتزام بجب الإسلام لدينه؟ فمورد الجب التكاليف والأحكام، فتدبر.
28 - وفي سنن ابن ماجة بسنده عن ابن مسعود، قال: " أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فكلمه فجعل ترعد فرائصه، فقال له: هون عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد. " (1) هذا.
وإنما تعرضنا في هذا الباب للآيات والروايات الواردة في خلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأدبه و عشرته وعفوه ورحمته لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من أسس الدولة الإسلامية وأول إمام وقدوة للمسلمين، فعلى الأمة الإسلامية ولا سيما أئمتهم وقادتهم والمنصوبين من قبلهم الايتمام به في سيرته وأخلاقه وأعماله، كما قال الله - تعالى - في كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. " (2) ولم يصح خلو الباب المعقود لبيان سيرة الإمام وأخلاقه من بيان سيرة أول من أقام الحكم الإسلامي وأسس أساسه. كما أنه من المتوقع من حكام المسلمين ونوابهم في جميع الأعصار التفقه في سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعماله الفردية والعائلية، وفي عباداته و معاملاته، وفي غزواته وسراياه، وفي معاملته مع من كانت تحت حكمه ومع أعدائه و مخالفيه. هذا.
29 - وفي الكافي بسنده عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم. " وفي رواية أخرى: " حتى يكون للرعية كالأب الرحيم. " (3)