الجيش كله، إذ حضروه فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد، دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم. " (1) فهذه نكتة فقهية ينبغي أن يلاحظها الفقيه إذ بها يفتتح باب واسع في الفقه.
ويمكن أن تقرب هذه المسألة - بعد دلالة سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) عليها - بوجوه:
الأول: أن أدلة القصاص والضمان وإن كانت مطلقة ولكن مع تزاحم الملاكات تتقدم المصالح العامة لأهميتها على المصالح الخاصة، فيجوز للإمام العفو عن الجيش الكافر أو الباغي بعد الغلبة عليه إذ رأى ذلك صلاحا للإسلام والأمة، حيث إنه بذلك تنجذب الفئة الكافرة أو الباغية إلى الإسلام.
الثاني: أن حق القصاص وإن جعل لولي الدم مطلقا ولكن الإمام ولى الأولياء و يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فتقدم ولايته على ولاية ولى الدم كما تقدم ولاية الجد على ولاية الأب مع التعارض.
ولعله على هذا الأساس جعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل دم كان في الجاهلية تحت قدميه.
الثالث: أن أدلة القصاص والضمان منصرفة عن صورة مقابلة جيش لجيش ونظام لنظام، حيث إن كلا من الطرفين بإقدامه على الحرب كأنه جعل نفسه وماله باختياره في معرض التلف. فالمعتدي باعتدائه أهدر ماله ودمه، والمؤمن بإقدامه على الجهاد باع نفسه وماله في سبيل الله.
ولا يتوهم أن الإغماض عن مثل أبي سفيان وأمثالهم كان لإسلامهم وأن