وكان الله قد أمكنه منهم وكانوا له فيئا. (1) إلى غير ذلك مما عامل به المشركين في فتح مكة وقد كان رؤساء مكة حاربوه في غزوات كثيرة وقتلوا المسلمين، فعفا عنهم ولم ينتقم حتى من قاتل عمه حمزة ومن هند آكلة الأكباد.
27 - وفي غزوة حنين بعدما ظفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على هوازن بدأ بقسمة الغنائم فقسمها، ثم قدم عليه هوازن مسلمين فرد عليهم السبي، وسألهم عن رئيسهم مالك بن عوف النصري فقالوا: هو مع ثقيف بالطائف، فقال: أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مأة من الإبل. فلما أخبروا مالكا بذلك ركب مستخفيا فأدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالجعرانة، وقيل: بمكة، فرد عليه أهله وماله وأعطاه مأة من الإبل كما وعده، وحسن إسلامه. وقال حين أسلم يمدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)... واستعمله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على من أسلم من قومه، فكان يقاتل بهم ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه وضيق عليهم حتى أسلموا، وشهد فتح القادسية وفتح دمشق في خلافة عمر. (2) ومالك بن عوف هو الذي جمع الجموع في حنين ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانوا ثلاثين ألفا ثم بعد الانهزام فر إلى الطائف.
فانظر إلى سعة صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه كيف كان يعامل مقاتليه بعد أن أظفره الله عليهم.
فعلى إمام المسلمين وقائدهم العفو والإغماض عن خطايا الأمة مهما تيسر ذلك و لم يوجب تعطيل الحقوق والحدود ولا تجري الكفار والمجرمين.
ولا ينافي هذا أمثال قوله - تعالى -: " يا أيها النبي، جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم " (3)، وقوله: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم. " (4) إذ موردها