كما أن إطاعتهم (عليهم السلام) أيضا واجبة إلى يوم القيامة، ولكن لا ينافي هذا وجوب تأسيس الدولة الحقة في عصر الغيبة ووجوب إطاعتها. وآيات الكتاب العزيز لا تتقيد بالموارد الخاصة، والجري والتطبيق في بعض الروايات على بعض المصاديق لا يمنع من التمسك بالإطلاق والعموم.
اللهم إلا أن يقال: إن إطاعة المنصوب من قبلهم أو المنتخب على أساس موازين الإسلام والضوابط المبينة من قبلهم - عليهم السلام - كأنها ترجع إلى إطاعتهم أيضا، و نحن لا نأبى ذلك بعد الالتزام بوجوب الإطاعة.
نعم، لا تجوز إطاعتهم في معصية الله كما هو المستفاد من الأخبار كما ستأتي، بل من نفس الآية أيضا، إذ الظاهر منها وجوب إطاعة صاحب الأمر، أي من يكون له حق الأمر، ولا يحق لأحد الأمر بمعصية الله. ولا يطلق صاحب الأمر إلا على من ثبت له حق الأمر، كما لا يطلق صاحب الدار إلا على من ملكها شرعا دون من تسلط عليها غصبا وظلما.
فأمراء السوء خارجون من الآية تخصصا، فتدبر.
قال الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية:
" والمراد بأولي الأمر منكم أمراء الحق، لأن أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنما يجمع بين الله ورسوله و الأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما...
وكيف تلزم طاعة أمراء الجور وقد جنح الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقى معه شك، وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم، وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل، وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل و لا يردون شيئا إلى كتاب ولا إلى سنة، إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم، فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولوا الأمر عند الله ورسوله، وأحق أسمائهم: اللصوص المتغلبة. " (1)