" وهم صنفان: مسترزقة، ومتطوعة. فأما المسترزقة فهم أصحاب الديوان من أهل الفيء والجهاد، يفرض لهم العطاء من بيت المال من الفيء بحسب الغناء والحاجة. وأما المتطوعة فهم الخارجون عن الديوان من البوادي والأعراب وسكان القرى والأمصار، الذين خرجوا في النفير الذي ندب الله - تعالى - إليه بقوله: " انفروا خفافا وثقالا، و جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله. " وفي قوله - تعالى -: " خفافا وثقالا " أربعة تأويلات: أحدها: شبانا وشيوخا; قاله الحسن وعكرمة. والثاني أغنياء وفقراء; قاله أبو صالح. والثالث: ركبانا ومشاة; قاله أبو عمرو. والرابع: ذا عيال وغير ذي عيال; قاله الفراء.
وهؤلاء يعطون من الصدقات دون الفيء من سهم رسول الله، المذكور في آية الصدقات، ولا يجوز أن يعطوا من الفيء لأن حقهم في الصدقات. ولا يعطى أهل الفيء المسترزقة من الديوان من مال الصدقات لأن حقهم في الفيء. ولكل واحد من الفريقين مال لا يجوز ان يشارك غيره فيه. وجوز أبو حنيفة صرف كل واحد من المالين إلى كل واحد من الفريقين بحسب الحاجة... " (1) أقول: مراده من " سهم رسول الله " هو سهم سبيل الله، إذ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصرفه في الجهاد. ويحتمل التصحيف والغلط، والمذكور في أبي يعلى سهم سبيل الله، فراجع. (2) ثم إن الظاهر جواز إعطاء كل من الصنفين من كل من المالين، بل لعل الزكاة قسم من أقسام الفيء العائد إلى بيت المال ولذا كان الواجب في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إيصالها إليه.
وقال الشيخ في المبسوط:
" الغزاة على ضربين: المتطوعة، وهم الذين إذا نشطوا غزوا وإذا لم ينشطوا اشتغلوا