قال عقيل: والله لكأني أنظر إلى يدي على، وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه، ثم شده وجعل يبكي، ويقول: اللهم اغفر لحسين فإنه لم يعلم!
فقال: معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن، فلقد سبق من كان قبله، و أعجز من يأتي بعده! هلم حديث الحديدة.
قال: نعم، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تند صفاته فجمعت صبياني و جئته بهم، والبؤس والضر ظاهران عليهم، فقال: ايتني عشية لأدفع إليك شيئا. فجئته يقودني أحد ولدى، فأمره بالتنحي، ثم قال: ألا فدونك. فأهويت حريصا قد غلبني الجشع - أظنها صرة - فوضعت يدي على حديدة تلتهب نارا، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره، فقال لي: ثكلتك أمك! هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا، فكيف بك وبي غدا إن سلكنا في سلاسل جهنم. ثم قرأ: " إذ الأغلال في أعناقهم و السلاسل يسحبون. " ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك. فجعل معاوية يتعجب ويقول: هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله. " (1) أقول: وروى نظير قصة الحسين والعسل في المناقب (2) عن الفائق في شأن الحسن بن علي (عليه السلام)، ولعلهما واحدة وقع في إحداهما تصحيف.
ورواه في البحار عن المناقب، فراجع. (3) 14 - وفي المناقب عن جمل أنساب الأشراف: " وقدم عليه عقيل فقال للحسن:
اكس عمك. فكساه قميصا من قمصه ورداء من أرديته، فلما حضر العشاء فإذا هو خبز و ملح فقال عقيل: ليس إلا ما أرى؟ فقال: أوليس هذا من نعمة الله فله الحمد كثيرا. فقال:
أعطني ما أقضى به ديني وعجل سراحي حتى أرحل عنك،