وربما يخطر ببعض الأذهان أن حبر الأمة وعالمها ومن روي أنه دعا له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالفقه والحكمة والتأويل، وعرف حاله في المحبة والإخلاص لأمير المؤمنين (عليه السلام) و النصر له والذب عنه في المواقف الخطيرة كيف يمكن أن يصدر عنه هذه الخيانة!! وكل من يقرأ التواريخ والسير يظهر له ثناؤه الدائم لأمير المؤمنين (عليه السلام) وذكره لفضائله ومناقبه، وخصامه ومشاقته لمعاوية حتى بعد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد كان معاوية يستميل الأشخاص ويجتذبهم بالأموال كما اجتذب عبيد الله أخاه ولم يسمع ميل عبد الله إلى ساحته أبدا، فيعلم بذلك طهارة ذيله وكذب القصة. هذا.
ولكن نقول: الروايات التي نقلنا بعضها من الكشي أخبار ضعاف بل ويعلم عداوة بعض رواتها لأهل البيت فلا يعتمد عليها، ولكن ما حكاه السيد الرضي (قدس سره) في نهج البلاغة قد أطبقت الرواة على روايته وذكر في أكثر كتب السير كما في شرح ابن أبي الحديد، و يشكل حمله على أخيه عبيد الله مع ما فيه من القرائن التي مرت.
والذي يسهل الخطب أن ابن عباس مع جلالته وعظم قدره لم يكن عندنا معصوما، و لعله بعد ما أيس من دوام الحكومة العادلة الحقة واطمأن بأن الحكومة سوف تقع في أيدي الأعداء وقد علم سجية بني أمية وشيمتهم وأنهم لا محالة ينتقمون يوما من بني هاشم ويمنعونهم حقوقهم ويضيقون الأمر عليهم قد فكر في ادخار بيت المال ليوم الشدة والمآل، والنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله ومن شأنها دائما التوجيه والتبرير، وقد كفى المرء نبلا أن تعد معايبه كما قيل.
وهل لم نر في جميع الأعصار من رجال العلم والدين رجالا كانوا مخلصين ملتزمين ولكن بعد ما أقبلت الدنيا إليهم وصاروا مراجع للأموال العامة وقع منهم أو من بعض حواشيهم وأولادهم ما لم يكن يترقب من الإسراف والتبذير وادخار الأموال العامة و الاستبداد بها في ضوء بعض التوجيهات؟ فنعوذ بالله من وساوس النفس وهواجسها.
هذا.
ولكن بعد اللتيا والتي يشكل الجزم بكون المخاطب في الخطبتين هو عبد الله بن