11 - وفيه أيضا من كتاب له (عليه السلام) إلى بعض عماله: " أما بعد، فإني كنت أشركتك في أمانتي، وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إلى، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، و العدو قد حرب، وأمانة الناس قد خزيت، وهذه الأمة قد فنكت وشغرت، قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين، وخنته مع الخائنين، فلا ابن عمك آسيت، ولا الأمانة أديت، وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم، وتنوي غرتهم عن فيئهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة وعاجلت الوثبة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك - لا أبا لغيرك - صدرت إلى أهلك تراثا من أبيك وأمك. فسبحان الله! أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف نقاش الحساب؟
أيها المعدود - كان - عندنا من ذوي الألباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما؟ وتبتاع الإماء وتنكح النساء من مال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال وأحرز بهم هذه البلاد؟!!
فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك، ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار!
والله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا منى بإرادة حتى آخذ الحق منهما وأزيل الباطل عن مظلمتهما. وأقسم بالله رب العالمين: ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي، فضح رويدا فكأنك قد بلغت المدى، ودفنت تحت الثرى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة، ويتمنى المضيع فيه الرجعة، ولات حين مناص. " (1) أقول: أشركتك في أمانتي، المراد بها بيت المال الذي في يده، أو أمر الولاية،