كحرمة دمه، والناس مسلطون على أموالهم بحكم الشرع والعقل، ولا يتصرف في مال الغير إلا بإذنه أو بتجارة عن تراض. فلا يجوز الإجبار بأكثر من الضرورة الاجتماعية التي يحكم برعايتها العقل والشرع، فقد ترتفع الضرورة بالأمر بإخراج المتاع وعرضه على الناس فقط. وقد يواجه الحاكم إجحاف المالك بما يعسر على المجتمع تحمله فيمنعه عن الإجحاف والإضرار. وقد لا تعالج المشكلة إلا بالتسعير. و قد يواجه الحاكم تعنت المالك واستبداده وعصيانه لأوامر الحاكم بالكلية فيتدخل بنفسه في بيع الأمتعة المحتكرة بثمن المثل.
وبالجملة، فروايات المنع من التسعير بكثرتها ناظرة إلى الموارد الغالبة التي لا تصل فيها النوبة إلى تسعير الحاكم بل تنحل المشكلة بمجرد عرض المتاع وكثرته في السوق.
قال الصدوق في كتاب التوحيد:
" فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فإن ذلك من الله - عز وجل - و يجب الرضا بذلك والتسليم له. وما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضا منهم به، أو كان من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلو الطعام لذلك، فذلك من المسعر والمتعدي بشرى طعام المصر كله، كما فعله حكيم بن حزام: كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا حكيم بن حزام، إياك أن تحتكر. " (1) وفي المسالك - بعد استظهار المصنف عدم التسعير - قال:
" إلا مع الإجحاف وإلا لانتفت فائدة الإجبار، إذ يجوز أن يطلب في ماله ما لا يقدر على بذله أو يضر بحال الناس، والغرض دفع الضرر. " (2) وفي الروضة:
" ولا يجوز التسعير في الرخص مع عدم الحاجة قطعا. والأقوى أنه مع الإجحاف