يرضى به العقل والشرع، بل اللازم مضافا إلى إحراز الأهلية والشروط المعتبرة فيهم نصب من يراقبهم ويرصد أعمالهم ومعاملاتهم مع المراجعين في شتى المؤسسات و لا سيما في المناطق البعيدة عن مقر الحكومة المركزية، إذ النفس أمارة بالسوء، و الأطماع ربما تغلب على النفوس، والإنسان محل الخطأ والنسيان، والأقوياء يغلب على طباعهم الإعجاب بالنفس والاستبداد في الرأي، وتحقير الضعفاء والمستضعفين و عدم الاعتناء بهم، فلا بد من المراقبة والتفتيش عنهم في نشاطاتهم وبعث عيون خفية ترصدهم كما كان يصنعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين:
1 - ففي قرب الإسناد عن الريان بن الصلت، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وجه جيشا فأمهم أمير بعث معه من ثقاته من يتجسس له خبره. " (1) ورواه عنه في الوسائل هكذا: " إذا بعث جيشا فاتهم أميرا بعث معه... " (2) 2 - وفي نهج البلاغة في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك بعد ذكر العمال واختيارهم من أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة، قال:
" ثم تفقد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية. وتحفظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم نصبته بمقام المذلة و وسمته بالخيانة وقلدته عار التهمة. " (3) وروى نحو ذلك في تحف العقول ودعائم الإسلام. (4) فأمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكتف بالأمر بانتخاب العمال من أهل التجربة والحياء والتقدم في الإسلام، بل أوجب مع ذلك أن تبعث عليهم عيون تبلغ في الصدق