ولو كان الفرد المسؤول للتحقيق والاستخبار عاقلا ذكيا حليما لينا رؤوفا بالناس عارفا بحدود وظيفته المهمة لساعده الناس في جميع مراحل عمله، ولصار أكثر الناس عمالا متطوعين للأمن العام وبذلك تتشابك الدولة والأمة وتحصل المعاضدة بينهما في جميع المراحل، فتدبر. هذا.
ويدل على وجوب الاستخبارات وضرورتها إجمالا مضافا إلى ما يأتي بالتفصيل من الروايات الخاصة أن حفظ نظام المسلمين وكيانهم يتوقف على الحذر من الأعداء بمراقبتهم والتجسس على القرارات والتحركات الصادرة عنهم، وحيث إن حفظ النظام من أهم ما اهتم به الشرع وأوجبه على الدولة والأمة فلا محالة وجبت مقدماته بحكم العقل والفطرة. ويستفاد وجوب حفظ النظام - مضافا إلى كونه ضروريا وبديهيا - من أخبار كثيرة مضى أكثرها في الأبواب والفصول السابقة ونلفت هنا النظر إلى بعضها:
1 - ففي نهج البلاغة: " إن هؤلاء قد تمالؤوا على سخطة إمارتي، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم، فإنهم إن تمموا على فيالة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين. " (1) قال (عليه السلام) ذلك في خطبة له عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة. وفيالة الرأي: ضعفه.
2 - وفيه أيضا في كلام له (عليه السلام) لعمر بن الخطاب حين استشاره في غزو الفرس بنفسه، قال: " ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه، فإذا انقطع النظام تفرق الخرز وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا. " (2) 3 - وفيه أيضا: " فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك... والإمامة نظاما للأمة و الطاعة تعظيما للإمامة. " (3)