فلما أذلقوهما قالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وركع رسول الله وسجد سجدتيه ثم سلم وقال: إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش!
أخبراني عن قريش قالا: هم والله وراء هذا الكثيب. فقال لهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كم القوم؟
قالا: كثير. قال: ما عدتهم؟ قالا: لا ندري. قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا و يوما عشرا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): القوم فيما بين التسعمأة والألف. ثم قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام...
فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الناس فقال: هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها. " (1) 4 - وفي صحيح مسلم بسنده عن أنس بن مالك، قال:
" بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسيسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان " (2) ورواه البيهقي عن مسلم، ورواه أبو داود في السنن أيضا بسنده عن أنس. (3) وفي سيرة ابن هشام وردت الرواية هكذا:
" حتى إذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) قريبا من الصفراء بعث بسبس بن الجهني حليف بني ساعدة و عدى بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتجسسان له الأخبار عن أبي سفيان بن حرب وغيره. " (4) (إلى أن قال): " وكان بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه، ومجدي بن عمرو الجهني على الماء فسمع عدى وبسبس جاريتين من جواري الحاضر وهما يتلازمان على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فاعمل لهم ثم أقضيك الذي لك. قال مجدي: صدقت، ثم خلص بينهما وسمع ذلك عدى وبسبس فجلسا على بعيريهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبراه بما سمعا. " (5)