مصاديقه، هذا.
وما مر من الشرائع والقواعد في صدر المسألة أيضا لا ظهور لهما في الوجوب و التعين، كما لا يخفى.
وفي المغني لابن قدامة:
" والتعزير فيما شرع فيه التعزير واجب إذا رآه الإمام، وبه قال مالك وأبو حنيفة. و قال الشافعي: ليس بواجب، لأن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إني لقيت امرأة فأصبت منها ما دون أن أطأها، فقال: " أصليت معنا؟ " قال: نعم. فتلا عليه: إن الحسنات يذهبن السيئات. وقال في الأنصار: " اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. " (1) ولكن المستفاد من أكثر الأخبار الواردة في التعزيرات، وكذا من أكثر كلمات الأصحاب وجوب التعزير في موارده بدوا وبالطبع، وإن قلنا بسقوطه إن تاب قبل قيام البينة، وبجواز عفو الحاكم عنه إن كان الثبوت بالإقرار لا بالبينة كما هو الظاهر، نظير ما مر في الحد.
فأنت ترى روايات الباب وكلمات الأصحاب مشحونة بقولهم: عزر، أو يعزر، أو أدب، أو يؤدب، أو ضرب، أو يضرب تعزيرا، أو عليه تعزير، أو جلد، أو يجلد ونحو ذلك من الألفاظ التي تكون بصورة الاخبار ويراد بها الأمر قطعا. وقد حقق في محله أن ظهور هذا النحو من التعبير في الوجوب أقوى وأوكد من ظهور الأمر فيه، لبنائه على فرض تحقق الأمر وتأثيره في المأمور ووقوع الفعل منه خارجا بامتثاله فيخبر هو عن ذلك. اللهم إلا أن يقال إن تعزير الغير لما كان تصرفا في سلطته وهي محرمة بالطبع كان مفاد الأمر وما في معناه في مثل المقام رفع الحظر فقط فلا يدل على الوجوب، فتأمل. و بعض فقهائنا أيضا عبروا بلفظ الوجوب. وظاهره الوجوب الاصطلاحي. وحمله على معناه اللغوي، أعني الثبوت خلاف الظاهر:
ففي الغنية: