بالمعروف من المنكر.
وثانيا: أنه يمكن دعوى أن المنساق من إطلاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ما علمه المكلف من الأحكام لتكليف نفسه لا أنه يجب أن يتعلمهما زائدا على ذلك مقدمة لأمر الغير ونهيه.
أقول: المفروض في المثال هو العلم إجمالا بوقوع المنكر أو ترك المعروف من شخص معين خارجا من دون أن يعلم بما هو معروف أو منكر شرعا، فلا يشمله خبر مسعدة إذ مفاده اعتبار كونه عالما بما هو المعروف شرعا، فالإشكال باق بحاله.
وأما ما ذكره من البراءة في الشبهة الموضوعية الوجوبية فهو صحيح، ولكن إجراؤها بدون الفحص مشكل. ألا ترى أن الأصحاب احتاطوا على من احتمل استطاعته للحج أو بلوغ ماله إلى حد النصاب للخمس والزكاة أن يحسب ماله ويتفحص، ولو قال المولى:
أكرم علماء قم مثلا وجب الفحص عن علمائها.
وأما ما ذكره من الدعوى فيشكل الالتزام بها، إذ لو فرض أنه كان هنا رجل عالم بكل ما يبتلى به الرجال من المسائل ولم يعلم المسائل المختصة بالنساء وكان حوله نسوة يعلم بابتلائهن بها إجمالا ولا يوجد من يعرفها منهن فهل لا يجب عليه تعلمها لإرشادهن وأمرهن بالمعروف؟ هذا.
ولقائل أن يقول: أولا: إن مفاد خبر مسعدة ليس إلا ما هو حكم العقل من توقف العمل وتنجز التكليف به على القدرة والعلم بالموضوع، إذا العاجز وكذا الجاهل في حال العجز والجهل لا يمكن أن يصدر عنهما الفعل، وهذا لا ينافي وجوب تحصيل القدرة و العلم عليه لما بعد ذلك. وثانيا: لعل محط النظر في الخبر بقرينة ذكر القوى المطاع ونفي الوجوب عن الأمة جميعا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواقعين من المحتسب بولاية الحسبة، ولا ننكر أن المنصوب لأمر الحسبة من قبل الولاة يجب أن يكون قويا مطاعا عالما بالمعروف من المنكر. فهذه شرائط لتصدي هذا المنصب الشريف الذي هو من شعب الولاية، وأما ما يجب على العامة من