اللهم إلا أن يقال: إن محط النظر في بعض هذه الروايات هو عدم إطاعة الجائر في جوره لا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فيجوز تحمل الضرر في الأول دون الثاني، فتدبر.
12 - وفي أصول الكافي بسنده، عن ابن مسكان، عن اليمان بن عبيد الله، قال: " رأيت يحيى بن أم الطويل وقف بالكناسة ثم نادى بأعلى صوته: معشر أولياء الله، إنا برآء مما تسمعون. من سب عليا (عليه السلام) فعليه لعنة الله، ونحن برآء من آل مروان وما يعبدون من دون الله. ثم يخفض صوته فيقول: من سب أولياء الله فلا تقاعدوه، ومن شك فيما نحن فيه فلا تفاتحوه، الحديث. " (1) والعلامة المجلسي - قدس سره - في مرآة العقول بعد ذكر جمع من أصحاب علي بن الحسين منهم يحيى بن أم الطويل قال:
" وروى عن أبي جعفر (عليه السلام) أن الحجاج طلبه وقال: تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه و رجليه وقتله.
وأقول: كأن هؤلاء الأجلاء من خواص أصحاب الأئمة (عليهم السلام) كانوا مأذونين من قبل الأئمة (عليهم السلام) بترك التقية لمصلحة خاصة خفية، أو إنهم كانوا يعلمون أنه لا ينفعهم التقية و أنهم يقتلون على كل حال بإخبار المعصوم أو غيره، والتقية إنما تجب إذا نفعت. مع أنه يظهر من بعض الأخبار أن التقية إنما تجب إبقاء للدين وأهله، فإذا بلغت الضلالة حدا توجب اضمحلال الدين بالكلية فلا تقية حينئذ وإن أوجب القتل، كما أن الحسين (عليه السلام) لما رأى انطماس آثار الحق رأسا ترك التقية والمسالمة. " (2) أقول: وهذا يؤيد ما ذكرناه من تحكيم التزاحم بين الدليلين واختيار الأهم منهما.
هذا.