الأكثر سقوط النهي عن المنكر بمجرد الامتناع.
نعم، لما وجبت التوبة وجب الأمر بالمعروف إن ظهر منه إصراره على تركها بل بمجرد الاحتمال أيضا للاستصحاب. هذه بعض كلمات الأصحاب في المقام.
قال المحقق الأردبيلي - قدس سره - في مجمع الفائدة:
" والذي يظهر أنهم كانوا يكتفون بترك المنكر مثلا، وما نقل تكليفهم أحدا بالتوبة بل بمجرد الترك كانوا يخلون سبيله، وكذا في الأمر بالمعروف فإنهم كانوا يتركون بارتكابه فقط. " (1) أقول: والحق صحة ما ذكره، بل الظاهر استقرار السيرة في جميع الأعصار على مراقبة ظواهر الشرع المبين والمنع عن التجاهر بالمعصية، ولم يكن بناء الأفراد و لا المحتسبين على التفتيش والتدخل في دخائل الناس أو الأمر والنهي بمجرد الاستصحاب ونحوه. وفي رواية محمد بن مسلم أو الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
" قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تطلبوا عثرات المؤمنين، فإن من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثراته، ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته. " وبهذا المضمون روايات مستفيضة، فراجع (2) وروى مالك في حدود الموطأ عن زيد بن أسلم، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " أيها الناس، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله. " (3) وروى نحوه الشيخ أيضا في كتاب الإقرار من المبسوط وفي كتاب السرقة منه. (4) وفي الموطأ أيضا بسنده عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)