ومحصل الجمع بينهما أن العمل بهذه الفريضة كغيرها من الفرائض يتوقف على العلم و القدرة. فمثل الإنكار بالقلب والإرشاد باللسان في الأحكام الواضحة الضرورية مما يقدر عليه كل مسلم، وأما الضرب والجرح بل وبعض مراتب الإرشاد باللسان في بعض الأحيان فهي مما لا يقدر عليه كل فرد أو لا يخلو صدوره عنه من ضرر كما مر، فيكون على عاتق الحاكم المتسلط وأياديه قهرا. نعم، يجب على الأمة تأييده ومساعدته، بل و السعي لتحقيق الحكومة الحقة أيضا كما مرت الإشارة إليه. فلنذكر بعض آيات المسألة و رواياتها:
1 - فمن الطائفة الأولى قوله - تعالى -: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله و رسوله. أولئك سيرحمهم الله، إن الله عزيز حكيم. " (1) فالحكم في الآية عام لكل مؤمن ومؤمنة. وقد صرح بخصوص المؤمنات أيضا ليكون نصا في التعميم. والظاهر من الولاية هو سلطة الشخص وأولويته. فالله - تعالى - بولايته العامة على عباده جعل لكل مؤمن ومؤمنة حق الولاية والسلطة على غيره ليكون له حق الأمر والنهي، غاية الأمر أن الولاية لها مراتب والولاية هنا محدودة بمقدار جواز الأمر والنهي.
لا يقال: الأمر والنهي في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاديان لكونهما إرشادا إلى إطاعة أمر الله ونهيه، نظير أوامر الفقيه في مقام بيان الأحكام، فلا يتوقفان على ثبوت الولاية والسلطة الشرعية.
فإنه يقال: لا نسلم ذلك وإن زعمه بعض، بل الظاهر من الأدلة وجوب الأمر والنهي المولويين تأكيدا لأمر الله ونهيه، نظير أمر الوالدين مولويا بشيء أمر الله به قبلهما فيكون التخلف معصية لله وللوالدين معا. وبالجملة، سبق أمر الله ونهيه