والنهي الجزئيان في الموارد الجزئية العادية لا يختصان بفرد دون فرد، بل هما من الفرائض العامة بلا إشكال. هذا.
ولعل الإمام الصادق (عليه السلام) كان مواجها لبعض الأفراد المعترضين على سكوت الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم في قبال المنكرات بلا ملاحظة للإمكانات والظروف، نظير ما مر من سدير الصيرفي وأمثاله كما مر، فالموثقة وردت في قبال هؤلاء، فتدبر.
وبعض أخبار الباب خبر جامع يشتمل على جميع المراتب مما هي وظيفة خاصة و مما تكون من الفرائض العامة.
8 - مثل ما في نهج البلاغة عن محمد بن جرير الطبري، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى أنه قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول يوم لقينا أهل الشام: " أيها المؤمنون، إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر و هو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونور في قلبه اليقين. " (1) وإلقاء هذه الخطبة يوم لقائه (عليه السلام) أهل الشام دليل على أن غرضه (عليه السلام) كان تحريض جنوده على القتال في صفين، وواضح أن قتالهم كان تحت لوائه وأمره، فلا يستفاد من هذا الحديث جواز الإنكار بالسيف ولو بدون إذن الإمام.
وقد مر منا أن في الموارد التي تكون الفريضة وظيفة خاصة وتحتاج إلى إذن الحاكم ليس الوجوب فيها مشروطا، بل الواجب مشروط وتقدم بيان ذلك والفرق بينهما.
9 - وقال الرضي (قدس سره): وفي كلام آخر له يجري هذا المجري: " فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه، فذلك المستكمل لخصال الخير. ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده، فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة. ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه، فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة. و منهم تارك لانكار المنكر بلسانه وقلبه