شؤون الحاكم، وليس لكل أحد التصدي لها وإن كان عالما بالمسائل والأحكام:
ففي خبر حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): من يقيم الحدود: السلطان أو القاضي؟ فقال: " إقامة الحدود إلى من إليه الحكم. " (1) هذا.
ولا يخفى أن الاحتياط في باب الدماء وقاعدة السلطنة يقتضيان العمل بالاشتراط.
اللهم إلا إذا لم نتمكن من الوصول إلى الإمام وتوقف حفظ بيضة الإسلام وكيان المسلمين على الإقدام، فإن الدفاع عنهما لا يشترط فيه إذن الإمام بلا إشكال، فتدبر.
نعم، هنا شيء يجب التنبيه عليه، وهو أن ظاهر الشيخ والمحقق وغيرهما كون إذن الإمام شرطا للوجوب، نظير اشتراط وجوب الحج بالاستطاعة، فلا يجب تحصيل الشرط، إذ الشرط للوجوب بمنزلة الموضوع له والحكم متأخر رتبة عن موضوعه، فلا يعقل تأثيره في إيجابه.
ولكن سبق منا في الباب الثالث عند التعرض الإجمالي لمسألة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر استظهار كون الوجود مشروطا بالإذن لا الوجوب، نظير اشتراط وجود الصلاة بالطهارة. فالوجوب مطلق والواجب مشروط بإذن الإمام وكونه تحت إشرافه و نظره حذرا من الهرج واختلال النظام.
وعلى هذا فيجب على كل مسلم السعي في بسط المعروف وإشاعته وقطع جذور المنكر والفساد والسعي في إقامة الحدود الإلهية بقدر المكنة والقدرة.
غاية الأمر أن وجود العمل فيما إذا استلزم الجراح مشروط بإذن الحاكم فيجب الاستيذان منه وإيقاع العمل تحت إشراف حكمه لئلا يلزم الهرج والمرج والاختلال.
ولو فرض ضعف الحكومة وقلة أعوانها وجب إعانتها ومساعدتها في بسط المعروف ودفع المنكر. ولو فرض عدم وجود الحكومة الحقة العادلة وجب على الجميع