حذرا من الهرج والمرج واختلال النظام، فلعل المفسدة المترتبة عليهما حينئذ أقوى.
ويرد على الثاني أن التأسي إنما يجب في الأحكام العامة لا في الوظائف الخاصة، و الحكومة وشؤونها من الوظائف الخاصة، اللهم إلا أن يقال إنه يجب لأخذ بإطلاق قوله:
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " (1) ما لم يقم دليل على الاختصاص.
وأما الروايات المذكورة: فخبر جابر ضعيف بوجوه، ويحيى الطويل مجهول اللهم إلا أن يجبر ذلك بكون الراوي عنه ابن أبي عمير، وعبارتا نهج البلاغة لا تنفيان الاشتراط، إذ ليستا في مقام البيان من هذه الجهة، نظير ما ورد في فضل الحج والصلاة، حيث لا يستفاد منهما عدم اشتراط الوجوب أو الواجب بشيء. هذا مضافا إلى أن إلقاء الخطبة الأولى كان في صفين لتحريض شيعته على القتال، وواضح أن قتالهم كان تحت لوائه (عليه السلام) و بأمره، فتأمل إذ الإنصاف أن إطلاق الروايات وآية التأسي مما يمكن التمسك بهما لعدم الاشتراط.
ويمكن أن يستدل للاشتراط، بوجوب عصمة النفوس وحرمة إراقة الدماء والتصرف في سلطة الغير إلا بالمقدار المتيقن جوازه.
وبأن الضرب والجرح يتوقفان على القدرة والسلطة.
وبأنه لا يتيسر لكل فرد فرد تشخيص الموارد والشروط والظروف المناسبة وإنما يتيسر ذلك لمن له إحاطة بالمجتمع وعلاقاته وإمكاناته.
وبأن تصدي كل فرد فرد لذلك يوجب اختلال النظام غالبا، حيث إن الضرب و الإيلام إذا لم يكونا على أساس القدرة والسلطة الخارجية يستعقبان غالبا رد الفعل و المقاومة من الطرف فيقع النزاع والكفاح والهرج والمرج وفي النهاية يختل النظام قهرا.
ولأجل ذلك كله أيضا جعلت إقامة الحدود الشرعية والتعزيرات المعينة من