وكذلك ما مر في كلام سيد الشهداء (عليه السلام) من قوله: " ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه. " (1) فجعل منصب الولاية لمن له حق الإفتاء.
وهكذا مقبولة عمر بن حنظلة (2). إذ منصب القضاء أو الولاية المجعولة فيها يلازم دائما الإفتاء أيضا.
وبالجملة، المناصب الثلاثة متلازمة، وكلها مجعولة لشخص واحد، فيكون منصب الإفتاء أيضا مجعولا تعبديا. ولا محالة يشترط في المفتي شروط خاصة أيضا ذكروها في محلها.
وبالجملة مرجعية الفتوى ليست إلا تداوم مقام الولاية والإمامة، ولأجل ذلك أجمع فقهاؤنا على عدم جواز تقليد الميت. هذا.
ولكن قد مر منا الإشكال في انحصار طريق الإمامة في النصب، وفي دلالة الأدلة عليه ثبوتا وإثباتا. ولعل الشارع المقدس أحال تعيين الوالي في عصر الغيبة إلى انتخاب الأمة مع رعاية الشرائط المعتبرة، وأمر الإفتاء إلى ما استقرت عليه السيرة كما مر بيانها، فتدبر.
وحيث إن الوالي المنتخب يراعى فيه الشروط الثمانية التي مرت ومنها الفقاهة بل الأعلمية مع الإمكان فلا محالة مع كون الأعلم واجدا لسائر الشرائط يتعين انتخابه للولاية، فتجتمع المناصب الثلاثة لواحد قهرا. وهو الأنسب لمصالح الإسلام و المسلمين، حيث إن المقصود جمع أمر المسلمين وتوحيد كلمتهم، ولا يحصل ذلك إلا بوحدة الإمام والقائد.
ولكن اللازم هو أن يستعين الإمام في كل شأن من الشؤون الثلاثة بأهل الخبرة فيه.