القضاء، والولاية الكبرى كلها اجتمعت في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وفي عصر الأئمة الاثني عشر أيضا كانت الثلاثة لهم عندنا. وفي الحقيقة كان بيان الأحكام و القضاء أيضا من شؤون من له الولاية والإمامة الحقة.
فكذلك في عصر الغيبة أيضا يكون المرجع للقضاء وللإفتاء من له الولاية الكبرى، أعني الفقيه الجامع للشرائط التي مرت بالتفصيل. حيث إن الدين والسياسة في الشريعة الإسلامية متلازمان. فالمتصدي لإدارة شؤونهما يجب أن يكون شخصا واحدا جامعا لصفات الإفتاء والقضاء والولاية، وإن توقفت إدارة كل منها على الاستعانة بالآخرين.
ويشهد لذلك مجموع الآيات والروايات التي مرت منا في الفصل الأول من هذا الباب، حيث ذكر فيها جهات الدين والسياسة توأما.
ويدل عليه أيضا ما مر من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم ارحم خلفائي. " ثلاث مرات فقيل له:
" يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ " قال: " الذين يأتون من بعدي ويروون عني أحاديثي و سنتي، فيعلمونها الناس من بعدي. " (1) حيث إن المتبادر من خلفائه خلفاؤه في جميع شؤونه العامة، فتشمل الثلاثة.
وكذا قوله (عليه السلام) في التوقيع الذي مر: " وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم. " (2) إذ المراد بالحوادث، الأمور الحادثة للمسلمين في كل عصر وزمان إذا أشكل عليهم تشخيص هويتها أو الأحكام المنطبقة عليها.
فيعلم بذلك أن المرجع للعلم بالكليات المأثورة وللعلم بالحوادث الواقعة شخص واحد. فصاحب العصر - عجل الله فرجه - جعل الفقيه المبتني فقهه على روايات أهل البيت مرجعا لكلا الأمرين من الإفتاء والولاية.